فصل: (سورة الحاقة: الآيات 38- 52)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.البلاغة:

في تقديم السلسلة على السلك نكتة بلاغية هامة وهي التخصيص وكذلك تقديم الجحيم على التصلية أي لا تسلكوه إلا في هذه السلسلة كأنها أفظع من سائر مواضع الإرهاق في الجحيم، وفي تخصيص الطول بسبعين ذراعا مبالغة في إرادة الوصف بالطول كما قال: {إن تستغفر لهم سبعين مرة} يريد مرات كثيرة لأن السلسلة كلما طالت كان الإرهاق أشد والعذاب أمضّ. والعدد عند الجاحظ لا يحمل في القرآن معنى التحديد الكمّي، إنما المقصود التعدّد والكثرة.

.[سورة الحاقة: الآيات 38- 52]

{فلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُون (38) وما لا تُبْصِرُون (39) إِنّهُ لقول رسُولٍ كرِيمٍ (40) وما هُو بِقول شاعِرٍ قلِيلا ما تُؤْمِنُون (41) ولا بِقول كاهِنٍ قلِيلا ما تذكّرُون (42) تنْزِيلٌ مِنْ ربِّ الْعالمِين (43) ولوْ تقول عليْنا بعْض الْأقاوِيلِ (44) لأخذْنا مِنْهُ بِالْيمِينِ (45) ثُمّ لقطعْنا مِنْهُ الْوتِين (46) فما مِنْكُمْ مِنْ أحدٍ عنْهُ حاجِزِين (47) وإِنّهُ لتذْكِرةٌ لِلْمُتّقِين (48) وإِنّا لنعْلمُ أنّ مِنْكُمْ مُكذِّبِين (49) وإِنّهُ لحسْرةٌ على الْكافِرِين (50) وإِنّهُ لحقُّ الْيقِينِ (51) فسبِّحْ بِاسْمِ ربِّك الْعظِيمِ (52)}

.اللغة:

{تقول} التقول: افتعال القول لأن فيه تكلفا من المفتعل، وقال أبو حيان: التقول: أن يقول الإنسان عن آخر إنه قال شيئا لم يقله.
{الْأقاوِيلِ} جمع الجمع وهو أقوال كبيت وأبيات وأبابيت، وقال الزمخشري وسمى الأقوال المتقولة أقاويل تصغيرا لها وتحقيرا كقولك الأعاجيب والأضاحيك كأنها جمع أفعولة من القول.
{الْوتِين} عرق في القلب يجري منه الدم إلى العروق كلها ويجمع على وتن وأوتنة.

.الإعراب:

{فلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُون} الفاء استئنافية ولا زائدة وقد تقدم الكلام في لا قبل القسم في قوله {فلا أقسم بمواقع النجوم}، و{أقسم} فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره أنا و{بما} متعلقان بـ: {أقسم} و{تبصرون} فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة صلة.
وفي البيضاوي: فلا أقسم لظهور الأمر واستغنائه عن التحقيق بالقسم أو فأقسم ولا مزيدة أو فلا رد لإنكارهم البعث وأقسم مستأنف.
ويرد قول البيضاوي الأول أي جعلها نافية للقسم تعيين المقسم به بقوله {بما تبصرون وما لا تبصرون}.
{وما لا تُبْصِرُون} عطف على {ما تبصرون}.
{إِنّهُ لقول رسُولٍ كرِيمٍ} إن واسمها واللام المزحلقة وقول رسول خبرها و{كريم} صفة لـ: {رسول} والجملة لا محل لها لأنها جواب القسم فهو المحلوف عليه والضمير يعود على القرآن أي قاله الرسول تبليغا عن اللّه.
{وما هُو بِقول شاعِرٍ قلِيلا ما تُؤْمِنُون} الواو عاطفة و{ما} نافية حجازية و{هو} اسمها والباء حرف جر زائد وقول مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر ما الحجازية و{شاعر} مضاف إليه و{قليلا} صفة لمصدر محذوف فهو مفعول مطلق أو صفة لزمان محذوف فهو ظرف زمان أي تؤمنون إيمانا قليلا أو زمانا قليلا، و{ما} يحتمل أن تكون نافية فينتفي أيمانهم البتة ويحتمل أن تكون مصدرية والمتّصف بالقلّة هو الإيمان اللغوي ويكون المصدر المؤول في موضع رفع على الفاعلية بـ: {قليلا} أي قليلا إيمانكم ويحتمل أن تكون زائدة مؤكدة ولعل هذا الوجه أصوب الوجوه لأنه المناسب لتأكيد القلّة والمعنى أنهم آمنوا بأشياء يسيرة مما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم من الخير كالصلة والعفاف وإنما آمنوا بهذه الأشياء لأنها جارية وفق طباعهم منسجمة مع مقتضيات مروءاتهم.
{ولا بِقول كاهِنٍ قلِيلا ما تذكّرُون} عطف على الجملة السابقة مماثلة لها في إعرابها.
{تنْزِيلٌ مِنْ ربِّ الْعالمِين} خبر لمبتدأ محذوف أي هو تنزيل و{من رب العالمين} متعلقان بـ: {تنزيل}.
{ولوْ تقول عليْنا بعْض الْأقاوِيلِ} الواو عاطفة و{لو} شرطية و{تقول} فعل ماض وفاعله يعود على النبي صلى الله عليه وسلم وتأدب أبو حيان فقال أنه يعود على المتقول المضمر وليس عائدا على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لاستحالة وقوع ذلك منه قال أبو حيان فنحن نمنع أن يكون ذلك على سبيل الفرض في حقه عليه الصلاة والسلام. و{علينا} متعلقان بـ: {تقول} و{بعض الأقاويل} نائب مفعول مطلق.
{لأخذْنا مِنْهُ بِالْيمِينِ} اللام واقعة في جواب {لو} و{أخذنا} فعل وفاعل و{منه} متعلقان بـ: {أخذنا} و{باليمين} يجوز أن تكون الباء على أصلها غير مزيدة والمعنى لأخذناه بقوة منّا فالباء حالية والحال من الفاعل وتكون {منه} في حكم الزائدة ويجوز أن تكون الباء زائدة والمعنى لأخذنا منه يمينه.
{ثُمّ لقطعْنا مِنْهُ الْوتِين} {ثم} حرف عطف للترتيب مع التراخي و{لقطعنا} عطف على {لأخذنا} و{منه} متعلقان بقطعنا أو بمحذوف حال و{الوتين} مفعول به.
{فما مِنْكُمْ مِنْ أحدٍ عنْهُ حاجِزِين} الفاء عاطفة وما نافية حجازية و{منكم} حال لأنه كان في الأصل صفة لـ: {أحد} فلما تقدم صار حالا ومن حرف جر زائد و{أحد} مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه اسم ما و{عنه} متعلقان بـ: {حاجزين} و{حاجزين} خبر ما لأنه هو محطّ الفائدة وقال الحوفي والزمخشري {حاجزين} نعت لـ: {أحد} على اللفظ وجمع على المعنى لأنه في معنى الجماعة يقع في النفي العام للواحد والجمع والمذكر والمؤنث وعلى هذا الإعراب يكون {أحد} مبتدأ والخبر {منكم} وقد ضعف أبو حيان هذا الإعراب قال: ويضعف هذا القول لأن النفي يتسلط على الخبر وهو كينونته منكم فلا يتسلط على الحجز وإذا كان {حاجزين} خبرا تسلط النفي عليه وصار المعنى ما أحد منكم يحجزه عمّا يريد به من ذلك والضمير في {عنه} للقتل أي لا يقدر أحد منكم أن يحجزه عن ذلك ويدفعه عنه أو لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم أي لا تقدرون أن تحجزوا عنه القاتل وتحولوا بينه وبينه والخطاب للناس. وعبارة الجلال حاجزين مانعين خبر ما وجمع لأن أحدا في سياق النفي بمعنى الجمع وضمير عنه للنبي صلى الله عليه وسلم أي لا مانع لنا عنه من حيث العقاب.
وعبارة أبي البقاء: من زائدة وأحد مبتدأ وفي الخبر وجهان أحدهما حاجزين وجمع على معنى أحد وجر على لفظ أحد وقيل هو منصوب بما ولم يعتد بمنكم فصلا وأما منكم على هذا فحال من أحد وقيل تبيين والثاني الخبر منكم وعن يتعلق بحاجزين. {وإِنّهُ لتذْكِرةٌ لِلْمُتّقِين} الواو عاطفة والكلام معطوف على جواب القسم السابق فهو من جملة المقسم به وما بينهما اعتراض وإن واسمها والضمير يعود على القرآن واللام المزحلقة و{تذكرة} خبر و{للمتقين} متعلقان بـ: {تذكرة}.
{وإِنّا لنعْلمُ أنّ مِنْكُمْ مُكذِّبِين} عطف أيضا وإن واسمها واللام المزحلقة وجملة نعلم خبر و{أن} وما بعدها سدّت مسدّ مفعولي نعلم ومنكم خبر أن المقدم و{مكذبين} اسمها المؤخر.
{وإِنّهُ لحسْرةٌ على الْكافِرِين} عطف أيضا وإن واسمها وخبرها و{على الكافرين} نعت لحسرة أو متعلق به.
{وإِنّهُ لحقُّ الْيقِينِ} عطف أيضا وإن واسمها وخبرها.
{فسبِّحْ بِاسْمِ ربِّك الْعظِيمِ} الفاء الفصيحة وسبّح فعل أمر و{باسم ربك} متعلقان بسبّح أو الباء زائدة وقد تقدم إعراب نظيره و{العظيم} نعت لـ: {ربك}. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة الحاقة:
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ
قوله تعالى: {الحاقة} قيل هو خبر مبتدأ محذوف، وقيل مبتدأ ومابعده الخبر على ما ذكر في الواقعة، و{ما} الثانية مبتدأ، و{أدراك} الخبر والجملة بعده في موضع نصب، و{الطاغية} مصدر كالعافية، وقيل اسم فاعل بمعنى الزائدة، و{سخرها} مستأنف أو صفة، و{حسوما} مصدر: أي قطعا لهم، وقيل هو جمع أي متتابعات، و{صرعى} حال، و{كأنهم} حال أخرى من الضمير في {صرعى} و{خاوية} على لغة من أنث النخل، و{باقية} نعت: أي حالة باقية، وقيل هو بمعنى بقية، و{من قبله} أي من تقدمه بالكفر، ومن قبله: أي من عنده، وفي جملته، و{بالخاطئة} أي جاءوا بالفعلة ذات الخطأ على النسب مثل تامر ولابن.
قوله تعالى: {وتعيها} هو معطوف، أي ولتعيها، ومن سكن العين فر من الكسرة مثل فخذ، و{واحدة} توكيد لأن النفخة لا تكون إلا واحدة، {وحملت الأرض} بالتخفيف، وقرئ مشددا: أي حملت الإهوال، و{يومئذ} ظرف ل {وقعت} و{يومئذ} ظرف ل {واهية} و{هاؤم} اسم للفعل بمعنى خذوا، و{كتابيه} منصوب باقرءوا لا بهاؤم عند البصريين، وبهاؤم عند الكوفيين، و{راضية} على ثلاثة أوجه: أحدها هي بمعنى مرضية مثل دافق بمعنى مدفوق.
والثانى على النسب: أي ذات رضا مثل لابن وتامر.
والثالث هي على بابها، وكأن العيشة رضيت بمحلها وحصولها في مستحقها أو أنها لاحال أكمل من حالها فهو مجاز.
قوله تعالى: {ما أغنى عنى} يحتمل النفى والاستفهام، والهاء في هذه المواضع لبيان الحركة لتتفق رءوس الآى، و{الجحيم} منصوب بفعل محذوف، و{ذرعها سبعون} صفة لسلسلة، وفي تتعلق ب {اسلكوه} ولم تمنع الفاء من ذلك، والتقدير ثم فاسلكوه، فثم لترتيب الخبر عن المقول قريبا من غير تراخ، والنون في {غسلين} زائدة لأنه غسالة أهل النار، وقيل التقدير: ليس له حميم إلا من غسلين ولاطعام، وقيل الاستثناء من الطعام والشراب، لأن الجميع يطعم بدليل قوله تعالى: {ومن لم يطعمه} وأما خبر ليس هاهنا أوله، وأيهما كان خبرا فالآخر إما حال من حميم أو معمول الخبر، ولايكون اليوم خبرا لأنه زمان، والاسم جثة، و{قليلا} قد ذكر في الأعراف، و{تنزيل} في يس، و{باليمين} متعلق بأخذنا أو حال من الفاعل، وقيل من المفعول.
قوله تعالى: {فما منكم من أحد} من زائدة، وأحد مبتدأ، وفي الخبر وجهان: أحدهما {حاجزين} وجمع على معنى أحد، وجر على لفظ أحد، وقيل هو منصوب بما، ولم يعتد بمنكم فصلا، وأما منكم على هذا فحال من أحد، وقيل تبيين.
والثانى الخبر {منكم}، وعن يتعلق بـ: {حاجزين}، والهاء في {إنه} للقرآن العظيم. اهـ.

.قال: حميدان دعاس:

سورة الحاقة:
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ

.[سورة الحاقة: آية 1]:

{الْحاقّةُ (1)}
معناها القيامة.

.[سورة الحاقة: الآيات 2- 3]:

{ما الْحاقّةُ (2) وما أدْراك ما الْحاقّةُ (3)}.
{الْحاقّةُ} مبتدأ أول (ما) مبتدأ ثان {الْحاقّةُ} خبره والجملة الاسمية خبر المبتدأ الأول وجملة {الحاقة..} ابتدائية لا محل لها والواو حرف عطف {وما أدْراك} اسم استفهام مبتدأ وماض ومفعوله الأول والفاعل مستتر والجملة خبر ما والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها {ما الْحاقّةُ} مبتدأ وخبره والجملة في محل نصب مفعول {أدراك} الثاني.